قصة حنظلة وأبي بكر وخوفهما من النفاق رضي الله عنهم
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ، قَالَ: - وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ يَا حَنْظَلَةُ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَمَا ذَاكَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
شرح المفردات
( يذكرنا ) أي يعظنا.
(حتى كأنا رأي عين) أي: كأنا بحال من يراها بعينه.
(عافسنا) أي اشتغلنا بمعايشنا وحظوظنا.
(والضيعات) جمع ضيعة، وهي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة.
(نافق حنظلة ) معناه أنه خاف أنه منافق، حيث كان يحصل له الخوف في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، ويظهر عليه ذلك مع المراقبة والفكر والإقبال على الآخرة، فإذا خرج اشتغل بالزوجة والأولاد ومعاش الدنيا.
وأصل النفاق إظهار ما يكتم خلافه من الشر فخاف أن يكون ذلك نفاقا فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس بنفاق وأنهم لا يكلفون الدوام على ذلك بل ساعة وساعة، أي ساعة كذا وساعة كذا.
( ونسينا كثيرا ) قال الطيبي: أي كثيرا مما ذكرتنا به، أو نسيانا كثيرا كأنا ما سمعنا منك شيئا قط، وهذا أنسب بقوله رأي عين.
( لو تدومون على الحال التي تقومون بها من عندي ) أي من صفاء القلب والخوف من الله تعالى.
(لصافحتكم الملائكة) قيل: أي علانية وإلا فكون الملائكة يصافحون أهل الذكر حاصل، وقال ابن حجر : أي عياناً في سائر الأحوال.
( ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ) أي ساعة كذا وساعة كذا، يعني لا يكون الرجل منافقا بأن يكون في وقت على الحضور، وفي وقت على الفتور، ففي ساعة الحضور تؤدون حقوق ربكم، وفي ساعة الفتور تقضون حظوظ أنفسكم .
No comments:
Post a Comment